Cover Photo
أخبار زحلة والبقاع

العوامل الخطيرة التي أدّت إلى انكشاف الحزب نقطة تحول جذري في المشهد اللبناني والإقليمي

“النهار”- روزانا بومنصف

حتى قبل أن ينجلي غبار الحرب، يدرك لبنان بالتجربة المرة التي عاشها خلال الحرب الأهلية وما بعدها أن أحداثاً جسيمة على غرار استهداف إسرائيل قيادة “حزب الله” وشلها أو تعطيلها وأكثر اغتيالها هو نقطة تحول جذري في المشهد اللبناني والإقليمي على حد سواء ومؤشر غالباً إلى تغييرات إقليمية أو هو ترجمة لها. عاش التجربة على الأقل في اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل وعاشها في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ويحتمل جداً أن يعيشها باغتيال قيادة الحزب كذلك.

بالتجربة نفسها وإن بظروفها المختلفة، تثار تساؤلات إذا كان أداء طهران المتغير بقوة منذ ما بعد مقتل رئيسها ابراهيم رئيسي وانتخاب “اصلاحي” بتوجهات انفتاحية أفصح في نيويورك عن واقع الحزب الذي لا يستطيع مواجهة إسرائيل منفرداً كما قال منطقاً مناقضاً لسردية إيران التقليدية على مدى عقود وكشف الحزب أمام إسرائيل في ظل اعتماد الأخير واستشهاده بتعظيم قواته وقدراته في الإعلام الإسرائيلي. إذ إن هذا الكشف للحزب أتى كذلك على خلفية تأكيدات إيران في نيويورك أثناء مشاركة وفدها الرئاسي في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة أنها لا تريد الحرب وتبحث عن السلام مع جوارها الإقليمي والمجتمع الدولي. كان عدم رد إيران كذلك على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنيه في طهران مؤشراً كبيراً في الاتجاهات الجديدة لإيران، بحيث طمأنت إسرائيل إلى قدرتها على الاستفادة من هامش كبير أتيح أمامها منذ الرد الذي قامت بها على استهداف بلدة شمس في الجولان المحتل باغتيال أبرز قادة الحزب فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية. هذا الاغتيال بحسب ما نقل عن قادة سياسيين في الحزب كان نقطة تحول مهمة باعتبارها كشفت مدى اختراق إسرائيل لبنية الحزب وهيكليته وكل تحركاته الميدانية. ولكنها أيضاً أتاحت لإسرائيل إظهار قدرتها على استهداف قيادات عسكرية عليها علامات استفهام كبيرة في الخارج نتيجة اتهامها بالمسؤولية عن عمليات عسكرية “إرهابية” وفق التصنيف الأميركي في شكل محدد وبأضرار جانبية ضئيلة إذا صح التعبير.

ولعل تقويم هذا الأمر في الخارج أنه لم يلقَ تشجيعاً، فإنه قوبل بالصمت وعدم الاعتراض، إذا كانت هذه الأهداف الإسرائيلية وتتيح تسجيل نقاط لم تتح لعقود. هذا الاختراق الذي سجل نقطة أخرى كبيرة في خانة الحزب بتفجير أجهزة الاتصالات لدى الحزب، ولاحقاً باستهداف قيادة النخبة لديه. وبالنسبة إلى مراقبين ديبلوماسيين، اتضح خطأ تقديرات وتقويم الحزب لإسرائيل وأهدافها على طول الخط، ولو أن الوقت الراهن لا يتيح الذهاب إلى انتقاده في هذه المرحلة. ولكن الاستهانة بهذه الأهداف التي تم تنبيهه إليها وعدم مراجعته لأهدافه وشروطه هي من مسؤوليته وحده ربما مع طهران فحسب التي باتت راهناً أمام خيارات صعبة تتعلق أولاً بإرادتها عدم الذهاب إلى حرب تتخطى لبنان، على رغم الرهان على أن الحزب بالنسبة إليها هو غير “حماس”، وقد تنصلت من عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها الحركة في السابع من تشرين الأول 2023. ومن المفترض أن هذه الاعتداءات التي قامت بها إسرائيل مصممة لهزيمة إرادة “حزب الله” أو قدرته على مواصلة القتال، وبالتالي إجباره على إنهاء هجماته والسماح للمواطنين الإسرائيليين بالعودة إلى شمال إسرائيل.

ولكنها قد تنتهي في ضوء الاعتداءات التي طاولت مواقع الحزب في الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب إلى تضرر الحزب بقوة، بحيث تعطل قدراته أقلّه لبعض الوقت عن تنفيذ ما كان يقوم به. وهو من حيث موقعه المسيطر في لبنان من جهة، ومن موقعه الامتداد في المنطقة دعماً وتدريباً لكل تنظيمات إيران فيها، ومن حيث ما يعنيه من انعكاس لقوة إيران على الحدود مع إسرائيل على شاطئ البحر المتوسط، فإن تضرره الشديد سيعني تغييرات عميقة على الأقل أمنياً وسياسياً في لبنان والمنطقة. هذا يشكل تحدياً كبيراً لا سيما أمام طهران، إذ قد يحتم عليها مقاربات جديدة في المستقبل في ضوء تقويمها خسارتها وكيفية الحد من الأضرار أو كيفية إعادة بناء نفوذها وقدراتها.

مقالات ذات صلة

.comment-area, .comments, .comments-area, #comments, .comment-list, #respond { display: none !important; }